وزير انقلابي يحظى بحصانة ضد المحاسبة رغم اتهامه بالفساد

وزير انقلابي يحظى بحصانة ضد المحاسبة رغم اتهامه بالفساد


الحكومة اليمنية تستنجد بالعالم لتفادي كارثة سفينة «روبيمار»

استنجدت الحكومة اليمنية، السبت، بالعالم من أجل إسنادها لتفادي كارثة غرق سفينة محملة بالأسمدة والمواد الخطرة في البحر الأحمر، بعد تعرضها لهجوم صاروخي حوثي، قبل نحو أسبوع، وقالت إنها شكلت لجنة طوارئ لهذا الغرض.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه هجمات الجماعة الحوثية المدعومة من إيران ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إذ تزعم أنها تسعى لمنع مرور السفن المرتبطة بإسرائيل قبل أن تضيف إليها السفن الأميركية والبريطانية.

وفي مقابل هذه الهجمات، تواصل الولايات المتحدة شنّ الضربات الاستباقية بشكل شبه يومي ضد مواقع الجماعة الحوثية، بخاصة في محافظة الحديدة الساحلية، إلى جانب عمليات التصدي للهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ والقوارب.

وتتأهب سفن من الاتحاد الأوروبي للمشاركة إلى جانب مدمرتين فرنسيتين في البحر الأحمر من أجل التصدي للهجمات الحوثية، كما أرسلت الصين أسطولاً حربياً، وسط مخاوف من اتساع رقعة الصراع وتأثيره على حياة ملايين اليمنيين الذين يعيشون على المساعدات الدولية.

رأس حربي ضمن أسلحة إيرانية مهربة للحوثيين اعترضتها البحرية الأميركية وصادرتها في خليج عدن (أ.ب)

وتشنّ الجماعة المدعومة من إيران منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هجمات ضد السفن بلغت وفق زعيمها عبد الملك الحوثي 48 هجمة، وأدت إلى إصابة 11 سفينة على الأقل، كما لا تزال تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وجاء استنجاد الحكومة اليمنية بالتزامن مع تحذير أميركي من كارثة بيئية وشيكة إذا ما تعرضت السفينة البريطانية للغرق بعد أن بدأ الماء يتسرب إليها، إلى جانب تسريبها للوقود.

المركب الشراعي الذي سيطرت عليه البحرية الأميركية في عملية فقد فيها اثنان من المارينز حياتهما في 11 يناير الماضي (أ.ب)

وذكر الإعلام الرسمي اليمني أن رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أحمد عوض بن مبارك، وجّه بتشكل لجنة طوارئ من الجهات المعنية للتعامل مع أزمة السفينة «روبيمار».

وتعرضت السفينة، الأحد الماضي، وهي تحمل علم بليز، لهجوم من قبل الحوثيين، وعلى متنها حمولة كبيرة من مادة الأمونيا والزيوت والمواد الخطرة، ما يشكل تهديداً خطيراً للحياة البحرية.

ودعت الحكومة اليمنية، في بيان، الدول والهيئات والمنظمات المعنية بالبيئة البحرية إلى مساندة جهودها لمنع وقوع كارثة بيئية، وإلى سرعة التعامل مع أزمة السفينة «روبيمار».

وفي بيان رسمي، ندّدت الحكومة بالهجوم الحوثي على السفينة، الذي أدى إلى إحداث أضرار كبيرة وإخلاء طاقمها، حيث تشير المعلومات الأولية إلى أن السفينة السائبة تتجه نحو جزر حنيش اليمنية في البحر الأحمر، ما يهدد بوقوع كارثة بيئية كبرى.

وقالت الحكومة اليمنية إنها شكّلت خلية أزمة لوضع خطة طارئة للتعامل مع الموقف، وشددت على أنه نظراً للإمكانات المحدودة فإنها بحاجة إلى مساندة جهودها بشكل عاجل.

تحذير أميركي

مع احتمالية غرق السفينة في البحر الأحمر، حذّرت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، السبت، من الأثر الكارثي على البيئة البحرية، وقالت إن الحوثيين يواصلون إظهار تجاهلهم للتأثير الإقليمي لهجماتهم العشوائية، ما يهدد صناعة صيد الأسماك والمجتمعات الساحلية وواردات الإمدادات الغذائية.

وأوضح البيان أنه في 18 فبراير (شباط) بين الساعة 9:30 مساءً و10:40 مساءً، هاجم إرهابيون حوثيون مدعومون من إيران سفينة «روبيمار»، وهي ناقلة بضائع مملوكة للمملكة المتحدة ترفع علم بليز.

وأضاف أن السفينة «راسية، ولكنها تشرب الماء ببطء. حيث تسبب الهجوم غير المبرر والمتهور من قبل الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران في أضرار جسيمة للسفينة، ما تسبب في بقعة نفط بطول 18 ميلاً».

وكانت السفينة، وفق البيان، تنقل أكثر من 41000 طن من الأسمدة عندما تعرضت للهجوم، ما قد يتسرب إلى البحر الأحمر ويؤدي إلى تفاقم هذه الكارثة البيئية.

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية»، في وقت سابق، عن شركة «بلو فليت غروب» المشغلة للسفينة، قولها إنه تم إجلاء الطاقم إلى جيبوتي بعدما أصاب صاروخ جانب السفينة، ما تسبب في تسرب المياه إلى غرفة المحرك وانحناء مؤخرها.

وأوضح الرئيس التنفيذي لـ«بلو فليت»، روي خوري، أن صاروخاً ثانياً أصاب سطح السفينة دون التسبب في أضرار جسيمة، وأن هناك مساعي لقطر السفينة، دون أن يستبعد غرقها قبل وصول الإنقاذ.

وتبنّى زعيم الجماعة في أحدث خطبه، الخميس، استهداف 48 سفينة، وإطلاق 183 صاروخاً وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، واعترف بتجنيد أكثر من 237 ألف عنصر منذ بداية أحداث غزة، وأقرّ بتلقي الجماعة منذ بدء الضربات الجوية 278 غارة.

وردَّت واشنطن على تصعيد الحوثيين بتشكيل تحالف دولي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أطلقت عليه «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، قبل أن تشنّ، ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضربات على الأرض في نحو 23 مناسبة حتى الآن.

جنّد الحوثيون عشرات الآلاف منذ بدء الحرب في غزة وأعينهم على المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية (إ.ب.أ)

وشملت الضربات عشرات الغارات الجوية، وشاركت لندن في 3 موجات منها، إلى جانب العشرات من عمليات التصدي للصواريخ والمُسيَّرات الحوثية والقوارب المفخخة.

واعترف الحوثيون حتى الآن بمقتل 22 عنصراً في هذه الضربات الغربية، إلى جانب 10 قُتلوا في 31 ديسمبر الماضي، في البحر الأحمر، بعد تدمير البحرية الأميركية زوارقهم، رداً على محاولتهم قرصنة إحدى السفن.

مخاوف يمنية

تتزامن هذه التطورات مع مخاوف يمنية من خطر آخر يتمثل في السفينتين العائمتين في ميناء رأس عيسى شمال الحديدة، وهما الناقلة المتهالكة «صافر» وبديلتها «اليمن» التي استقبلت من الأولى أكثر من مليون برميل من النفط الخام ضمن خطة أممية للإنقاذ.

وتسود المخاوف من تعرض السفينتين للقذائف، خاصة أن الجماعة الحوثية تتخذ من المنطقة منطلقاً لشنّ الهجمات البحرية ضد السفن، بالتوازي مع ضربات أميركية مضادة.

وشهدت المنطقة بالقرب من ميناء رأس عيسى، الجمعة، 3 غارات أميركية، كما شهدت مواقع في مديرية الدريهمي جنوب الحديدة غارتين على الأقل، وفق ما ذكره الإعلام الحوثي.

وأوضح بيان للقيادة المركزية الأميركية أنه في 23 فبراير (شباط) بين الساعة 12:30 ظهراً و7:15 مساءً (بتوقيت صنعاء)، دمرت قواتها دفاعاً عن النفس 7 صواريخ كروز حوثية متنقلة مضادة للسفن كانت معدة للانطلاق نحو البحر الأحمر.

وأضافت أن قواتها حددت هذه الصواريخ في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقررت أنها تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة. مشيرة إلى أن هذه الإجراءات ستحمي حرية الملاحة وتجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وفي ظل تصاعد التهديد الحوثي، تجزم الحكومة اليمنية بأن الضربات الغربية لن تؤثر في قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وأن الحل البديل دعم قواتها لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير الحديدة وموانئها، وإرغام الجماعة الموالية لطهران على السلام، وإنهاء الانقلاب على التوافق الوطني.

ومع تسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن في اضطرابات في الشحن الدولي، وعزوف شركات كبرى عن الملاحة في الممر الاستراتيجي، التحق الاتحاد الأوروبي أخيراً بالولايات المتحدة وبريطانيا، لإرسال سفن إلى البحر الأحمر لحماية الملاحة، قبل أن تعلن الصين إرسال الأسطول الـ46 إلى المنطقة.

يتخذ الحوثيون من الحرب في غزة مبرراً لحشد المجندين الجدد وجمع الأموال (رويترز)

وأصدرت الجماعة الحوثية، الخميس الماضي، بياناً، قالت فيه إن السفن المملوكة كلياً أو جزئياً لأفراد أو كيانات إسرائيلية أو أميركية أو بريطانية، والسفن التي ترفع علم إسرائيل أو الولايات المتحدة أو بريطانيا يُحظَر مرورها في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب.

وتزعم الجماعة الحوثية أن هجماتها البحرية «نصرة للفلسطينيين في غزة»، وأنها لن تتوقف إلا بدخول المساعدات الإنسانية، بينما تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تتبنى أجندة إيران، وتسعى للتصعيد البحري هروباً من استحقاقات السلام الذي تقوده «الأمم المتحدة».