رفض مصري لمزاعم تجهيز منطقة لنازحي غزة

رفض مصري لمزاعم تجهيز منطقة لنازحي غزة


أعربت مصر عن رفضها واستنكارها لما تداولته وسائل إعلام غربية بشأن «إقدام القاهرة على تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة، يُمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين حال أدى هجوم إسرائيلي على مدينة رفح بجنوب القطاع إلى نزوح جماعي عبر الحدود».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا صحة لتلك الدعاوى على الإطلاق».

وأكد رشوان أن «مصر سبق أن أعلنت عشرات المرات، وعبر كل المستويات، بما في ذلك القيادة السياسية للبلاد، رفضها تهجير الفلسطينيين»، مضيفاً أن «موقف مصر ثابت ولن يتغير من هذه المسألة، ويرفض التهجير كونه يمس الأمن القومي للبلاد، ويعد تصفية للقضية الفلسطينية». وكرر التأكيد على أنه «لا صحة لما يتردد عن بناء مساكن لإيواء النازحين من غزة على أرض سيناء».

وكانت وكالة «رويترز» للأنباء، قد نقلت، الجمعة، عن أربعة مصادر قولهم إن «مصر بدأت تمهيد منطقة صحراوية وإقامة بعض المنشآت البسيطة التي قد يتم استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين». ولفتت إلى أن هذا الإجراء يتم «كتحرك طارئ»، مشيرة، نقلاً عن أحد المصادر، إلى أن «مصر متفائلة بأن المحادثات الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يُمكن أن تؤدي إلى تجنب مثل هذا السيناريو، لكنها تعمل على إنشاء المنطقة على الحدود كإجراء مؤقت واحترازي».

الصورة تظهر القوات العاملة في منطقة البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، نقلاً عن مسؤولين مصريين ومحللين أمنيين، أن «القاهرة تقوم بإعداد منطقة مسورة بمساحة ثمانية أميال مربعة على الحدود مع غزة، كجزء من خطط طوارئ، لاستيعاب أكثر من 100 ألف شخص فلسطيني»، بينما أشارت «وكالة الصحافة الفرنسية» إلى صور أقمار اصطناعية «تُظهر آليات تقوم ببناء جدار على طول الحدود بين مصر وغزة». وقالت: «تظهر مقارنة صور الأقمار الاصطناعية التي تم التقاطها في 10 فبراير (شباط)، و15 من الشهر نفسه القيام بتمهيد أراض وتسويتها». وهو نفس ما أكده موقع «سي إن إن» خلال تقرير حلل فيه بعض صور الأقمار الاصطناعية للمنطقة الحدودية.

لكن رشوان أوضح أن تلك الصور «لا تؤكد دعاوى وسائل الإعلام عن تجهيز منطقة للنازحين وإنشاء مساكن لإيوائهم، فمعظم أرض سيناء فضاء ولا تعني تسوية الأرض بناء مساكن بها». وأشار إلى أن تلك الدعاوى «تتناقض» مع حديث نفس تلك المنصات الإعلامية عن «تعزيز مصر لأمنها على الحدود مع قطاع غزة وإنشاء أسوار لحمايتها». وقال مستنكراً: «هل تبني مصر مساكن لإيواء النازحين من غزة، أم أسواراً لمنع دخولهم إلى أراضيها؟». وأكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات أن «مصر تؤمن حدودها مع قطاع غزة، وهذا أمر من صميم السيادة للحفاظ على أمن البلاد»، مشيراً إلى أن القاهرة سبق وأوضحت «وجود عدة مستويات من التأمين على الحدود».

دبابة إسرائيلية تخرج من وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

والشهر الماضي، قالت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، في بيان رداً على «مزاعم إسرائيلية» بتهريب السلاح إلى داخل غزة عبر الأراضي المصرية، إنه في إطار جهود مصر في مكافحة «الإرهاب» في سيناء، «عملت على تقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة الممتد لـ14 كيلومتراً، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض، فأصبح هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض».

وصعّد عزم إسرائيل اجتياح رفح من مخاوف تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين الذي سبق وعارضته مصر ودول عربية عدة، محذرين من تكرار «النكبة» عندما فر نحو 700 ألف فلسطيني أو أجبروا على ترك منازلهم في الحرب التي أعقبت إعلان قيام دولة إسرائيل في عام 1948. وسبق أن أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة رفض بلاده لـ«التهجير»، وعد ذلك «تصفية للقضية الفلسطينية».

وأشار رشوان إلى ما يثيره ملف «التهجير» من «توتر» في العلاقات بين مصر وإسرائيل، ومدى إصرار مصر على رفضه. وقال إنه «للمرة الأولى يرفض الرئيس المصري استقبال محادثة هاتفية من رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو الأمر الذي أكدته وسائل إعلام إسرائيلية». وأضاف أن «الدعاوى الإعلامية بشأن إنشاء مساكن لإيواء النازحين بسيناء، تأتي في وقت نجحت فيه الجهود الدبلوماسية المصرية في حشد الرأي العام العالمي لرفض (التهجير القسري)، لتصبح القضية الفلسطينية على قمة الأجندة العالمية». رشوان أوضح «هل من المنطقي أن مصر التي رفضت (التهجير) وقت أن كانت كل الأصوات تراه حلاً للأزمة، أن تغير موقفها بعد أن بات العالم كله داعماً لموقفها الرافض للتهجير؟…موقف مصر ثابت ومعلن من هذه المسألة ولن يتغير، وأي تحرك عملي معاكس لهذا سيتم التنبّه له».

جريح فلسطيني تم نقله في وقت سابق بسيارة إسعاف إلى مستشفى «شهداء الأقصى» (رويترز)

يأتي ذلك فيما تتزايد التحذيرات الدولية من إقدام إسرائيل على اجتياح بري لمدينة رفح جنوب قطاع غزة، التي تعد الملاذ الأخير لنحو 1.5 مليون فلسطيني فروا من الحرب والقصف في شمال القطاع.

وشدّد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الجمعة، عبر قناة «بي بي سي»، على «ضرورة تجنّب أن يفر سكان غزة المتجمعون في جنوب القطاع إلى مصر بأي ثمن»؛ لأن ذلك سيكون بمثابة «حكم بالإعدام» على عملية السلام. كما حذر منسق المساعدات في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، الخميس، من احتمال تدفق الفلسطينيين إلى مصر إذا شنت إسرائيل عملية عسكرية في رفح. ووصف هذا السيناريو بأنه «نوع من أنواع الكوابيس لمصر».

وكان محافظ شمال سيناء، محمد عبد الفضيل شوشة، قال في تصريحات صحافية، الخميس، إن «ما يتم في مناطق شرق سيناء وتحديداً في رفح، هو حصر البيوت والمنازل التي تعرضت للهدم خلال الحرب على (الإرهاب) بهدف تقديم تعويضات مناسبة لأصحاب هذه البيوت». وأكد أن «هذه العملية ليست بهدف إقامة معسكرات من أجل استقبال النازحين الفلسطينيين، وليس لها أي علاقة بما يحدث في قطاع غزة».

ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014، عملت مصر على إنشاء ما سمي وقتها بـ«منطقة عازلة» على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة، في إطار سعيها للقضاء على المسلحين في هذه المنطقة ومنع التهريب فيها. وفي أكتوبر عام 2017 أعلنت تمديد تلك المنطقة لتبلغ 1500 متر بطول الحدود، بعدما كانت كيلومتراً واحداً نُفّذت على مرحلتين خلال عامي 2014 و2015. وقال محافظ شمال سيناء آنذاك، عبد الفتاح حرحور، إنه «سيتم إخلاء وإزالة المباني والمنشآت الواقعة على بعد كيلومتر من الشريط الحدودي لمسافة 500 متر جديدة، تمهيداً لإقامة المنطقة العازلة المقررة على الحدود بين مصر وقطاع غزة، لتصبح 1500 متر».